فى الحقيقة لم يوازى كل ما قرأته فى حياتى من قبل تلك الرواية فهى تدعوك إلى التفكير فى الكثير سواء العلاقات بين البشر أو علاقة البشر بالله الذى هو أساس كل ما نحياه فهو ما يقرر مصائرنا سبحانه وتعالى وهو من ينير لنا طريق الإيمان أو يحجبه عنا ،وسواء ما كان البشر مؤمنون بوجودة أو لا ،فهم دائما يطوقون للبحث عنه فى أنفسهم وبين أغلفة الكتب وعلى لسان بعض البشر اللذين تجلى لهم الله أو رحمته التى هى دليل على وجوده سبحانة وتعالى فى موقف ما، هى رحلة للبحث عن الرب قبل أن تكون بحث عن الذات وربما إقتضى الأمر أن تسافر إلى قارة آخرى أو إلى أبعد بقاع الأرض للبحث عن الله ،فكيف تكون قضية الإيمان به وتوحيده؟
تحكى الرواية قصة ثلاث فتيات يجمعهم القدر والظروف فى جامعة أوكسفورد بمقاطعة ويلز ب إنجلترا ويقررون دراسة مقرر واحد وهو عن الرب ،بطلة الرواية وهى بيرى (المشوشة)الفتاة التركية المقسمة بين والدها العلمانى والذى تحبه كثيراً وأمها المتدينة والتى تتشاجر معها بالرغم من حبها لها فقد نشأت فى بيت يحتوى النقيديين بين جنباته فلم تستطع الإنحياز إلى طرف ما لذلك تظل فكرتها عن الله مشتتة لذلك تتاح لها الفرصة للدراسة خارجاً لتقف على عتبة تحول آخر سيقلب حياتها رأساً على عقب،أما منى(المؤمنة)فهى فتاة من أصول مصرية كانت عائلتها تعيش فى أمريكا وتحمل جنسيتها وحين كانت صغيرة قرر والدها الرجوع لمصر فهو لم يريد لإبنتيه التأثر بالغرب والبعد عن تعاليم الدين الإسلامي فيستقر فترة بمصر لكن لا يستطيعون التأقلم لذا يعودون إلى أمريكا مجددا ،كانت منى طالبة فى أوكسفورد فى سنتها الثانية تدرس الفلسفة ومهتمة بكل القضايا المجتمعية والدينية وحقوق المرأة ومشتركة فى أكثر من جمعية وعضو مؤسس بجمعية ما هى تلك الشخصية النشيطة المتوهجة التى تؤمن بقضية ما وتسعى لنصرتها ورغم إختلاطها بالغرب إلا أنها لم تتخلى عن تعاليم الإسلام وحجابها، على الجانب الآخر شرين (الملحدة)تلك الفتاة الإيرانية غير المؤمنة التى تنقلت بين بلدان العالم أجمع تفضل الرجال والنساء فى علاقاتها الخاصة شخصية تفعل كل ما تريد دون النظر لقيود مجتمع أو لتفكير أشخاص وغير مكترثة لأهلها تسعى لعيش حياتها بجموح وغير معتقدة بوجود الله وهى مذبذبة فى تفكيرها إلى أعلى حد ولكنها إذا ما وضعت برأسها فكرة ما لا تكل عن تنفيذها تتقابل الفتيات الثلاث تحت سقف الفصل الدراسي لمادة الرب لمدرسها أ. أنطونى زكريا آزورد رجل يحمل بداخله فلسفة لا يضاهيها أحد ولا تستطيع كشخص إلا الإعجاب بآرائه بالرغم من عدم واقعيتها وعدم قربها من ثقافة مجتمعك فهو كما يقول(يعطى الملحد بعض الإيمان ويعطى المؤمن بعض الشك) ورغم أن شيرين طالبته منذ عام فقد وجدت فى بيرى(المشوشة) ومنى(المؤمنة) شخصيات مثيرة للإهتمام وهما على العكس منها لذا نصحها آزور بالتقرب منهم حتى إنها أقنعتهم بالسكن معها خارج حرم الجامعة حتى تتسنى لهم الفرصة لمناقشتهم بإستفاضة أكثر فقد جمعت كل التفاح فى سلة واحدة مما سيجعل الأمور تسوء. رغم شخصية آزور المثقفة المفكرة الساعية إلى فلسفة الوجود إلا إنه يحمل جرح غائر بقلبه فبعد أن ظن بأن زوجته وابنه مدرسة المفضل الجزائرى الجنسية قد سامحته بعد أن خانها مع أختها إلا أنها انتحرت وقد كانت تحمل ابنه فى شهرها الرابع حدث كان من شأنه أن يزلزل كيان رجل مثله ليضعه فى عداء دائم مع المرأة فرغم أن النساء بالنسبة له كما لعبة الشطرنج لكنه مع ذلك كان لديه أخلاق فلم يسعى لخوض علاقة مع أى إمرأة سوى من تعرف بعواقب الأمر وأنه لن يرتبط بها بعلاقة زواج،وربما لا تكون الأخلاق فهو يخاف على قلبه أكثر من أن يتورط بقصة حب جديده ،فالزواج بالنسبة له أصبح سجن بلا معنى فالحب إن فارقك مرة لن يأتيك ثانية فى وجهه نظرة ،لذا قد يضيع المرء فرصة للحب الحقيقى عندما يتشبث بالماضى الذى يحمل الألم
الرواية مليئة بالمفآجات والأحداث الهامة والأفكار الجديرة بالإهتمام وكذلك الأشخاص وتنم عن شخصية أليف التى بإمكانها أن تسرد التاريخ كله على شكل قصة ولن تمل منها أبدا حتى لو كثرت الشخوص والأطراف والأحداث
بقلم/أمنية عبد العزيز
#قراءة_ممتعة
#بنات_حواء_الثلاث
#مراجعة_رواية
#أليف_شافاك
#omnia_abdelaziz
No comments:
Post a Comment