Sunday, January 10, 2021

أمام العرش......مقارنة بين حكام مصر من عهد الفراعنه حتى حكم السادات بقلم/أمنية عبدالعزيز

 

تدور أحداث رواية أمام العرش(حوار بين الحكام) للأديب العالمى نجيب محفوظ الصادرة فى عام ١٩٨٣م عن طبيعة الحكم فى مصر بداية من عهد الملك مينا موحد القطرين مرورا بكل أسر العصر الفرعونى وما واجهته مصر من رخاء وكساد ومن تحولات سياسية وصراعات على الحكم مرورا بعهد الإسكندر الأكبر وحكم الرومان والإمبراطوريات الرومانية المتحكمة فى مصير شعب يبعد عنها آلاف آلاف الأميال إلى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص بعد إنتشار الإسلام فى شبه الجزيرة العربية حيث تولى الحكم بعض الولاة المسلمين مع تنظيم شئون الأقباط من قبل ولاة من قبلهم حتى يسود السلام ولكن النفس البشرية كان عليها العامل الأكبر فى تنظيم شئون المصريين دون  الدين فأحيانا يحل العدل وأحيانا يسود الظلم ،ولكن الله كان أرئف بحالنا منا ،ولكن لتحقيق ذلك كان يجب أن يمتاز المصريين بعقلية واعية والثورة على كل ما هو خطأ ،فلم تكن ثورة ٢٥ يناير هى أول عهدنا بالثورات فالتاريخ يشهد بالعكس ولكننا لم نكن شاهدين عليه وربما لو كان نجيب محفوظ بيننا الآن لأخبرنا بذلك بنفسه من خلال لقاء تليفزيونى ،ولا ننكر بأننا مازلنا نتباهى بمعابد الفراعنة والأهرامات وأبو الهول والمسلات الضخمة إلى يومنا هذا ،وليس أيضا ماتركه الإسكندر والرومانيين بقليل فقد كانت الإسكندرية فى عصرهم عهدا للعلوم والثقافة واللغات والإختراعات وشهدت طلابا من جميع أنحاء العالم طلبا لنور المعرفة وإستمرار الحياة ، ثم جاء العهد الإسلامى ولا ينفى مسمى العهد الإسلامى القضاء على ديانة آخرى أو الإستبداد بالحكم فقد كان كلا من اليهود والمسيحيين والمسلمين يعيشون تحت سقف وطن واحد تتعايش فيه كل الأديان فى سلام .وهو عهد الخلافة الأموية من بنى عبد الملك ثم الخلافة العباسية التى إنتهت فى مصر بسقوط الخليفة ببغداد على يد التتار ومقتل عائلته كلها بعد أن غرقت شوارع بغداد بالدماء ثم العهد الفاطمى ولم تكن تلك العصور الثلاثة بقليلة فقد تركت أثرها فى مصر من جامع عمرو بن العاص لقاهرة المعز لدين الله الفاطمي لجامع ابن طولون لكثير من المساجد والكنائس والمعابد الأثرية التى مازالت تجذب السياح كالأهرامات إلى الآن ،فعلى مر العصور كانت مصر حاضنة للحضارات والثقافة والعلوم ،ثم تلاهم الحكم العثماني عن طريق تعيين والى يتبع الخلافة العثمانية فى القسطنطينية فى القاهرة فيوفر الحماية للشعب فى مقابل الخراج ،لا شك بأن الكثيرين أصبحوا يرون الخلافة العثمانية بمثابة إحتلال للقاهرة ولكنها طبيعة المصريين المتناحرة فإن لم يكن هناك إحتلالا يخلقوا لأنفسهم إحتلال من داخلهم هم . لكن لا ننكر قلعة محمد على التى بناها بعد إنفصاله عن الخليفة العثماني والأكلات الشعبية التى معظمها من التراث العثمانى واللغة التى لم تسلم وباتت دليل على مرورهم من هنا ولكن مصر وقتها أيضا كانت تمتلك إقتصاد قوى فى شتى المناحى صناعيا وزراعيا وتربويا فقد عرفت مصر الجامعات لأول مرة بعد حريق مكتبة الإسكندرية وإندثار منارتها وعرف الطلاب الدراسة بالخارج وكانت من أول واجهتهم السوربون فى مصر ،ولكن كأى قصة النهايات السعيدة غير مضمونة ليأتى الإحتلال البريطانى والفرنسى وتعيش مصر أعوام من الظلم والظلام لينبت من بين الظلام أسماء جديدة أبناء لمصر خالصين يتولون الدفاع عنها بالكلمة وليس بالسلاح وهم أحمد عرابى ثم مصطفى كامل ثم محمد فريد ثم سعد زغلول ثم مصطفى النحاس فلم يسلم أحدا منهم من السجن أو النفى فى سنين عمرهم التى رسخت لتاريخ جديد يملك فيها المصرى وجهة نظر وحق فى المطالبة بحكم نفسه دون الرضوخ لمستعمر أجنبى أو لوصاية دولة آخرى ، كل ذلك بات مقدمات لثورة يوليو ١٩٥٢م حين تم خلع الملك من الحكم وتولت المؤسسة العسكرية الحكم فتولى محمد نجيب الحكم مدة ٦شهور حتى تستقر الأوضاع ثم تولى جمال عبد الناصر الحكم  فشهدت مصر فى حكمه نكسه ١٩٧٦م وتأميم قناة السويس ثم حكم مصر محمد أنور السادات  وتم فى عهده تحرير سيناء فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣م وبداية الإنفتاح الإقتصادى وتمكين الأحزاب السياسية ،فى رواية نجيب محفوظ لم يتولى الدفاع عن شخص دون الآخر أو تبنى وجهه نظر ما بل هى رؤية موضوعية لكل ما مرت به مصر من أحداث سواء جيدة أو سيئة ،تمتاز كتابات نجيب محفوظ بالقراءة الجيدة للأحداث السياسية وغزارة الفكر والثقافة فهى عبارة عن محاكمة متخيلة يرأسها أوزوريس وإيزيس وحورس والكاتب تحوت لسماع أقوال كل من مر على كرسى الحكم المصرى فهى مقارنة بين حضارة ٧٠٠٠ سنة والخلافة الإسلامية والعثمانية والعصر الحديث، هى محاكمة للتاريخ الذى يعيد نفسه وينسج هذا الوطن بكل مافيه من تناقضات ومثاليات ،هى رسالة حُب لمن يؤمن بحق المصريين فى حكم أنفسهم وإستغلال طاقتهم فى تأسيس دولة عظيمة لا تقل عن حضارة الفراعنة أو قاهرة المعز أو الممالك،ورسالة أيضاً لكل مستعمر بأن هناك من سينهض من بين الركام ليدافع عن وطنه مصر مهما بلغت الصعاب أو التحديات . لنتعلم من الماضى ولنآمل خير بالمستقبل.

بقلم/ أمنية عبد العزيز

#نجيب_محفوظ

#أمام_العرش


No comments:

Post a Comment